صباحكم كانون
شرفتي الصغيرة تطل على ذلك الجبل العظيم " جبل العرب" الذي تلحف البياض.، لقد رافقني ذلك الجبل كل أيام حياتي منذ طفولتي البعيدة وحتى الخضاب الأبيض في رأسي. روحي المتمردة التي تعشقه ، لا تريد أن تكبر أبدأ أبدا ..
ما اجمله وهو يلبس ابهى ثيابه في هذا الوقت من كل عام .. في كانون كل شيء يبدو بهيا لي . الغيوم السوداء تطوق الفضاء فتملأ روحي سعادة . وتجعل الشمس في سبات لتريح روحي من "ولدنتها".
اعتدت أن استيقظ مبكرا اجالس عصافير الزرور التي تجاور شرفتي في بيت مهجور. تغرد لتسمعني صوناتاتها كل صباح معلنة عن بدء رحلة جديدة ليوم جديد مملوء سعادة. في كل صباح ومساء أطل من تلك الشرفة اراقب كل شيء . ما اجمل الناس وهم يركضون مسرعين أمام سياط الأمطار .. ويتركون لي الشوارع فارغة تسرح بها روحي وحدها.
يبحثون عن الدفء فيغلقون ابوابهم ونوافذهم.. ترى كوانين ومواقد الحطب تطلق دخانها في الفضاء مؤذنة بحبس أصحابها.. أما أنا فاتمتع بسجنهم واتمتع بذلك الهدوء .. اراقب الغيوم وهي تحتضن الجبل البعيد. اراقب نوافذ المنازل وهي تشرق بإضواء باهتة تحت طرقات الامطار. وتحتضن معه روحي التائقة للسلام..
كم أعشق الملابس الثقيلة. كم احب أن احتضن نفسي بيدي واتكور في معطفي لأحس بنبضات روحي، اعماق روحي . التي افتقدها منذ زمن بعيد . كم اشتاقها.
اليوم لم يكن صباحا جميلا.. لقد اشرقت الشمس كم تمنيت لو استطيع جر تلك الغيوم بمنجلي لأغطيها، لأبقى في سكوني وحديثي مع ذلك الجبل وعصافير الزرور التي تجاورني في مسكني أمام شرفني..
ان كانون صديقي الوفي. اليوم هزمته الشمس بشروقها وغرورها.. فبعثرتني وجعلت روحي تهيم كما العصافير تبحث عن غيمة .. تهديها امنيات يوم جميل بكر لم يقتحمه أحد سواها.
....... عواد
تعليقات
إرسال تعليق