{{...غَزْوَة ذات الرِّقاع ...}} تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

بسم الله الرحمن الرحيم
{{...غَزْوَة ذات الرِّقاع ...}}
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
>>>>>>>>>>>>
ذات الرقاع اسم علم معروف على صفحات تاريخ الاسلام فهي غزوة ذات الرقاع وأصح الأقوال ما رواه الإمامان البخاري ومسلم أنَّ قِلّة الجِمال كانت تضطرُّ بعضَهم إلى المشي فيعصِبون على أرجلِهم رِقاعًا تخفِّف عنهم ألمَ المشي على الأرض الصعبة التضاريس،،،،
وكان عدد جيشها وعتادهم معدودا نذروا أنفسهم لحمل الرسالة واداء الأمانة ولم يعبئوا بشظف العيش وقلة المؤنة وقد أعياهم العوز والكسوة والقسوة، ولم تمنعهم الأشياء والمتع من تحقيق هدفهم وإنما كانت دافعا لهم في التضحية والاستشهاد لأنهم يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ،
كل ذلك في تفاني ومحبة وإيثار، فهم سباقون لتقديم المعروف وبذلوا أنفسهم في سبيل الله، حفاة يطئون بأقدامهم لهيب رمضاء صخور جبال الصحراء وسخونتها، وتلفح وجوههم نسمات هواءها الساخن الحار الآتي من وراء السراب..............
يرتعون بملابس رثة بالية يلفون أقدامهم بلفائف قماش ممزقة مهترئة، ورقع غير مهتمين بمتاع الدنيا وإن كثر... 
{{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ:-
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ *** 
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا*** 
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}}}آية173 سورة آل عمران
والشاهد على رقاعهم أنه كان في إزار الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثنتا عشرة رقعة وفي ردائه أربع رقع كل رقعة تختلف عن الأخرى...فالحياة كانت متعة رخيصة في نظرهم ,,, إيها القوم فما أنتم فاعلون في أيامنا هذه :- تأكلون وتلبسون وتشربون وتنامون وتتنعمون في متع شتى،،،،،،، 
قَالَ بعض الصحابة : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الإِرْفَاهِ ..
ثم يسأل الصحابي أخاه" قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ حِذَاء؟ 
قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا}}ذكره أبي داود في صحيحه--- 
فالاحتفاء معناه أن تطأ الأرض بقدميك دون حذاء ليس كل الأوقات حِينًا بَعْدَ حِينٍ تواضعا وتمكنا عند الاضطرار وفيه فائدة صحية.. 
فيا عباد الله :- اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.
جرب ولو لمرة واحدة المشي حافي القدمين حينا بعد حين وأطع أبا القاسم عليه الصلاة والسلام في سنته...فهذا أعجاز في ذاته وهدي نبوي مفيد،،
وإليك الدليل مع التعليل من علم التشريح :-
فالقدم والكاحل عند الإنسان يمثلان بنية ميكانيكية قوية ومعقدة، حيث تحتوي القدم على ستة وعشرين عظماً، وثلاثة وثلاثين مفصلا، وأكثر من مائة عضلة ووتر ورباط.....وارتباطها مع الألياف العصبية المركزية، فهذا كله تشريح وتوضيح وتنبيه ورياضة ونصيحة منه صلى الله عليه وسلم مجانية.." قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ"47 سورة سبأ. 
وغزوة ذات الرقاع دليل آخر من الأهمية وكيف احْتَفَّتْ أقدامهم في تأدية واجب الكفاح والجهاد لله وفي سيبله.... 
وما كنت أدري يوما ما أن تتغير الظروف إلى هذا الحد ويأتي على الناس زمان تعود الرقاع على هذه الأمة بغير ما كانت عليه من دلالات، وأن تستبدل وتستعمل الرقاع لغير ما استعملت له في الماضي...
فأصبحت الآن رقع جمال وتجمل وتنعم ودعة ولينِ الْعَيْشِ ونعومة ملابس ولباس زينة في سراويل شبابنا وشباتنا وفتياننا وفتياتنا رجالا ونساء فتنظر شقوق سراويلهم المهترئة بألوانها الباهتة فتحسب صاحبها فقيرا أومعوزا .......... 
ويأتي على خاطرك أن الرقعة قد أتسعت على الراقع فيأتيك الجواب من واقع الحال؟ إن هذه الرقعة مقصودة وغير معهودة،
إنما زينة وزخرف وتباهي وتفاخر وغرور في غير مكانه، ويجلب أنتباهك الثقوب في سراويل البنين والبنات لما تخفيه من أجساد يتراءى ويتلصص من نوافذها وشقوقها العشاق وترمقها الأبصار من وراء الخيوط الواهية .. في مواضع معلومة من الركب والافخاذ والجوانب والسُرَر إنه العجب العجاب،فالجنون فنون،،،، 
مما دعاني أتذكر قول الاعرابي:-
أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير
قلت أذكر ذلك ولا أنساه يا أخَا العرب ، إذن عن إي الجلود والأصواف والأوبار تسأل وتتحدث وتستفهم وتستلهم ذلك ؟ قلت وقلبي يعتصر ألما وأسى على واقع الأمة ؟؟؟؟وهذه الغمة...
أتذكر في غابر الزمان سراويل الأجداد والجدات الواسعات المريحات وهي تزركشها وتزينها الرقع المختلفات بعدد نجوم السموات بألوان زاهية فاهية، فتلك رقع الأجداد تختلف عن واقع رقع الأحفاد فلكل رقعة دلالاتها ومعناها، فرقع الأجداد دلالة جد واجتهاد وتعب وشقاء وأهترئ وحاجة وعمل ورمز فخار، 
وشهامة ورفعة فتلك علامة فارقة بين رقع الأجداد، والأحفاد الذين أتخذوا الرقع زينة ورفاهية ودلال وتقليد وظهور وتزييف وغلاء وترسيم واهترئ مقصود وتجسيم وتقسيم وإبراز مفاتن الأجساد والأعضاء للبهجة والسرور بجميع الأنواع والألوان....... 
فهي دليل اشمئزاز وتقلع موضات وتقليد أعمى غير بصير والله المستعان على ما تلبسون من ملابس تصف وتشف مع موضة ذات رقاع،
والله الهادي الى سواء السبيل ولو بعد حين. إن في ذلك عبرة لمن له قلب أو القى السمع وهو شهيد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#ديوان_الحب_الصادق #بقلم_د_مهاب_البارودي 318 - اشتاقك