من هدي النبوة {{...لاَ رَهْبانِيَّةَ في الإِسْلامِ...}} تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن

بسم الله الرحمن الرحيم
من هدي النبوة {{...لاَ رَهْبانِيَّةَ في الإِسْلامِ...}}
تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات / الأردن
>>>>>>>>>>>>>
فعلا دين الإسلام حقق طموحات الإنسان في الحياتين، وما كبت متطلبات الحياة وواكَبَها بحركة دؤوب وتماشى مع فطرة خلق الإنسان، ليحقق له آماله وطموحاته وحاضره ومستقبله...
الرَّهْبَانِيَّةُ تعني:- التَّخَلِّي عن أشغال الدنيا وترك ملاذِّها والزُّهد فيها والعزلة عن أُهلها،
أو هي الزُّهْدُ والتقشّف في الدُّنْيا والاِنْقِطاعُ عَنْ ملَذَّاتِها، وَعَنِ الزَّواجِ بالذات والاستغراق في العبادة, ومن يقدر على ذلك إلا القليل والسبب والمانع أنها تصادم فطرة الإنسان وتحول دون تحقيق وإشباع غريزته بأنواعها ومتطلبات حياته التي خلق من أجلها ضمن ما أحل الله له وحرم عليه ،
إذن ضبط الحياة في الدنيا ليس من قبل الإنسان يشرع لنفسه كيف يشاء ولمن يشاء فهو يعيش ضمن منظومة منضبطة له حريته وله واجباته أي له مثل ما عليه،
صحيح ما قيل تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الأخرين، هذا هو الانضباط الحقيقي للحياة ،ولا يتحقق التوازن الحياتي للإنسان إلا بتلبية رغباته الجسدية المادية والمعنوية ضمن منظومة تراعي وتساير راحته النفسية في تحقيق أهدافه...
ولنضرب مثالا على ذلك بقاء النوع الإنساني على وجه الأرض وتقارب وتآلف البشر مع بعضهم البعض لا يتحقق ذلك إلا بالزواج، تصور لو كتبت الرهبانية على البشر أو على قلة قليلة منهم يكون في ذلك منتهى الظلم والتعسف وانتهاء تكاثر العنصر البشري والتوالد، وهذا ضد الحياة ويخالف الفطرة ونقص في معطياتها...
فالتزاوج سنة وفطرة بين الأشياء الحية سواء أكان إنسانا أو حيوانا أو نباتا لبقاء نوع التكاثر والتلاقح. فتجد حتى الإنسان لا يحب أن ينعت أو يوصف بأنه عقيم لأنه عندئذ يشعر بخلل وانطوائية قد تصل به إلى حالة نفسية يتشكك من خلالها برجولته أو أنوثتها...مع أن هذا أمر من الأمور الفسيولوجية التي يعلمه الله.
قال الله تعالى {{... يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا*** 
وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ*** 
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا*** 
وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ}}
هذا كله مرتبط بقدرة الله ولا اعتراض على حكم الله، ومع لا يمنع أن يطلب الإنسان من الله الأولاد...وأكبر مثال على هذه الحال زكريا نبي الله في قول الله تعالى :-
{{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ***
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ***}} وجاءته البشارة من ربه الكريم :-
{{ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ*** أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ }} بشارة خير وشكر وطاعة لله{{...وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}} فنعمة الولد ذكرا أو أنثى تحتاج لذكر وشكر وتسبيح بالعشي والإبكار للرب الرحمن ...خاصة عند نومك وقومك ونَشِرَك بين الأنام ... وقد تذاكر ثلاثة رهط من الصحابة فيما بينهم في مثل هذا الموضوع ...
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :-
يَقُولُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ**** 
يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا**** 
فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ***** 
قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا*****
وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ*****
وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا**** 
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا***** 
أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ***** 
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ****** 
وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ****** 
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ***** 
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي))
ودعاهم صلى الله عليه وسلم إلى الاعتدال والتوازن وما هو في طاقتهم ومقدرتهم بدون غلو وخلاف المألوف وقد جاء ذكر الرهبانية في القرآن الكريم تحت عنوان الاِبتِداع وهو استحداث منهج والإتيان به سواء زيادة أو نقص على خلاف ما أمر به شرع رب العالمين وقبوله والعمل به والاحتكام اليه. قال الله تعالى :-{{...شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ...}}
وبذلك تكون شرعنة الرهبانية ابتداع قال الله تعالى :-{{...وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ...}}

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#ديوان_الحب_الصادق #بقلم_د_مهاب_البارودي 318 - اشتاقك