أطالت النظر إليه بحدة وهو يعترف: بقلم... مليكة التنارتي

أطالت النظر إليه بحدة وهو يعترف:
- سأتزوج.....لكنها ردت بهدوء:
- والسبب؟.......رمقها بنظرة جامدة قبل أن يقول:
- كان يمكن أن أقول لكِ أن هذا حقي وأكتفي... لكني سأقر لكِ بأنك باردة !!!! علت وجهها الدهشة وقالت بسخرية:
- باردة !!!! هل هي عكس دافئة أم مثيرة؟.....امتعض من سخريتها :
- تسخرين !!! لا بل هي معني متحجرة المشاعر...
تلاعبت بصوتها بنبرة تمثيلية:
- اكتشاف مذهل وقد تخطيت الخمسين بعد زواج دام خمس وعشرين عامًا .... ثم هزت رأسها بأسف لتكمل:
- لا توجد امرأة متحجرة؛ بل كل واحدة منا تنتمي لصنف من يتزوجها...رفع حاجبه بغيظ:
- ما معنى هذا الهذيان؟....ارتفع صوتها :
- معناه أن من تتزوج بحر فياض تصبح موجة تتراقص على سطحه ؛ ومن تتزوج سماء تصير إحدى غيماته الممطرة ؛ ومن تتزوج جبل تتحول إلى صخرة صماء ...قد ينمو على جنباتها بعض الورود......ارتفع صوت أنفاسه باضطراب:
- وأنا من كنت فيهم بالنسبة لك؟ ....نظرت إليه باشمئزاز:
- أنت صحراء جافة ضللت طريقي فيها فحولتني إلى حفنة رمال مبعثرة ؛ والغريب أنك تبحث عن السراب في ليلك البارد ؛ لا في ظهيرتك المشمسة ....تردد من وقع كلماتها:
- سراب!! ....ضحكت بسخرية :
- هل هي صغيرة كما تزوجتني ؟؛ جميلة كما كنت قبل إهمالك؟ ؛ ندية كمثلي قبل ذبولي ؟؛ هل ستقضي معظم وقتك معها تدللها و أنت الذي لم تكن تطأ قدميك البيت إلا للطعام والمبيت؟ ؛ هل ستنفق عليها مدخرات بُخلك علي ؟؛ أم ستغدق عليها مشاعر سألتك إياها فمنعتها ؟؛ هل ستجوب بها بقاع الأرض لتسترد شبابًا دفنته في قبر العمل والانشغال ودفنتني معك لأتحجر كما تدعي ؟؛ هل ستتذكر تاريخ مولدها وزواجكما ولقاءكما الأول وتفاجأها بالهدايا والحُلل والمصاغ أم ستنسى كما كنت معي؟
ارتبك وعصرت أصابعه بعضها !!!!.....
- لن أنكر؛ سأتغير؛ سأتعلم معها ما جهلت....أمالت رأسها وهي تطيل النظر إليه....
- الصحراء إن جادت بالشجر فلن تجود بالثمر ؛ ولن يصبر على الارتحال فيها إلا الجِمال؛ فهل حبيبتك صابرة أم طامعة أم شابة هوجاء سرعان ما ستتمنى من في مثل شبابها؟ ....
تركها وانصرف على قدمي التمني ؛ لكنه عاد على جناحي البصيرة والرجاء .....
- سامحيني .. ما كانت إلا ... رفعت كفها لتقطع كلامه وتقول:
- هل سمعت يومًا عن ناجٍ من هلاك الصحراء .. عاد إليها!!!!
تحياتي مليكة التنارتي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#ديوان_الحب_الصادق #بقلم_د_مهاب_البارودي 318 - اشتاقك