-حتى لا أنسى---جمال الطّرودي/تونس

---حتى لا أنسى---
حتى لا أنسى 
يوما كنت أسير فيه على الرّصيف
حولي عساكر وكلاب و أولاد حرام
و سيجارة مبلّلة أرتشف معها
وحدنا 
قهوة سادة في الخفاء
و يخبرني الدّخان صورا
عن بلدي 
يشكّلها صدري زفرات 
خطّها المعلّمون العظام
تتلاشى 
تاركة بسمة مريرة
لمّا أذكر ....
تبّا !
حتى اللّغة تمّ اعتقالها
لا تقل رفيقا و لا من الاخوان
ماذا أسمّيهم 
زملاء ؟
حتى هذه الكلمة
دنّسوها 
ماذا أقول؟
ماذا أسمّي من غيّبتهم 
السّجون و المنافي 
و الأجداث و القهر و الفقر
و الكبت و الحرمان 
حتى لا أنسى 
من فتحوا المدارس و قهروا الظلام
الذين استشهدوا أعزّاء و أقاموا الأعلام
من كانوا يمشون حفاة
ليمهّدوا السّبيل لحذائي
و يبيتون في العراء
تحرسهم بندقية
حتى لا أنسى 
سنين الجمر و كعب المحقّق
بين الرّدفين 
يكاد يحوّل إلى الخصيان
و سلّ اعتراف بعد سلّ اللّسان
ليُرمى في زنزانة 
تفوح برائحة البول 
و خرء الفئران 
و قطرات الماء
و فرقعة السّجّان
لحظات سعيدة تلك
لمّا تشتعل سيجارة
يتقاسمها الخلاّن
و يختلط الدّخان
كما اختلط المصير
يخترقه شعاع
فيصوّر هولوغرام
حبيبتي ترفع يدها
رجلاها في النّار
و وجهها به آثار دماء
مثلي ،هي أيضا، تعاني
هول الغرام
لازالت تستغيث
و تنادي باسمي 
لم تعرفني عندما عدت
أنت عميل!
أرسلوك في صورته
هكذا كان اللّقاء. 
جمال الطّرودي/تونس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#ديوان_الحب_الصادق #بقلم_د_مهاب_البارودي 318 - اشتاقك