سراديب الخيانة...بقلم لطيفة البابوري/تونس

سراديب الخيانة...
تكاسلت هذه المرة عن الذهاب إلى الطبيب،لا تدري هل لانها تشعر بالخجل،فقد تعرت مشاعرها أمامه كثيرا،أم لأنها تريد أن تعيد ترتيب ما بقي في جرابها من أحداث وأسرار.....
اتصلت بصديقتها،واتفقت معها على موعد في مقهى الميناء بالضاحية الشمالية هي تعشق رؤية المراكب واليخوت الراسية،منذ صغرها كانت شغوفة بالسفر والابحار لكن فقط أحلامها ظلت تسافر دون عودة،حرمت نفسها متعة السفر لأجل أبنائها،واطمأن الزوج أنه حر طليق في كل رحلاته...
تقابلت مع صديقتها،احتست قهوتها على مهل،اوجزت على غير عادتها في الحديث،وكأنها صارت ترتاح في الفضفضة للطبيب أكثر،بل أنها آثرت الصمت والتأمل،احترمت صديقتها صمتها الغريب،بقيت تنظر إليها،تتعجب من هدوئها ،الى ان انتبهت لها وسالتها.....
حدثيني عنك،،،،
ضحكت الصديقة وقالت مازلت كما أنا لا جديد..........
عادت للصمت،وفجأة انتفضت وامسكت بيد صديقتها،هيا نقوم بجولة على المحلات أريد أن أشتري بعض الثياب...مضى اليوم وهي خارج البيت لأول مرة لم تتصل لتسأل عن أبنائها،عهدت للخادمة أمر الطبخ،لأول مرة تشعر أنها غير مقيدة بمواعيد الأكل،والمدارس
كانت تحدث نفسها أنهم أصبحوا قادرين على الإهتمام بأنفسهم......
اتصلت بالممرضة وحددت موعدا،تانقت كثيرا ذلك اليوم،أطرت الممرضة على ذوقها،فعل الطبيب نفس الشيء،لكنها أخبرته أن ابنتها سألتها عن سبب التغيير في طريقة لباسها حتى أنها سألتها،،ألا ترين أن لباسك يشبه لباس المراهقات....؟
سألت الطبيب هل حقا تبدو كمراهقة رعناء؟
ضحك الطبيب وأخبرها أنها جميلة في كل حالاتها..........
ارتاحت قليلا لهذا الرد،وقالت أنها عرفت في المعهد والجامعة بسيدة الأناقة،لكن إهمال زوجها لها جعلها تتراجع وتتخلى عن أجمل صفاتها،قالت أنها ارتدت الأسود بعد موت والدها،صحيح أن ما ترتديه من أرقى الماركات العالمية لكنه لم يجد استحسانا لدى زوجها الذي بدأ يبدي انزعاجه من الأسود الذي أحاطت به نفسها،قالت أنها وجدت راحتها في البداية في هذا اللون،وأنه يليق بها،ثم قالت أن اصرارها تحول عنادا،واستفزازا للزوج الغائب.....
تحدثت كثيرا عن صدى المغامرات التي كانت تصلها في كل رحلة يقوم بها الزوج،قالت أنها كانت تغضب وتنفعل،ثم هدأت،ثم صار الأمر مثيرا للغثيان،ثم بدأت تشكو أوجاعا في معدتها،زارت العديد من الأطباء وأجرت العديد من التحاليل لتعلم في الأخير أن المرض ليس عضويا،لذلك خيرت التجاهل لتستمر.....
وهدا البيت،خشي الزوج في البداية هدوء العاصفة،لكنه سرعان ما تأكد أنه قرار ويعرف أنها حين تتخذ قرارا لا تتراجع فيه،فارتفع نسق نزواته.......
قالت أنها فكرت في خيانته،قالت أنها خرجت ذات مرة مع صديق الى احد النزل لتحتسي قهوة،وكان المشرف على البار رجلا كبيرا في السن ذا سحنة أجنبية،تردد قبل أن يسألها هل أنت إبنة فلان،كان صديقا لوالدها وذكر لها أنه عرفها لانها كثيرا ما كانت تصطحب أباها وهي صغيرة إلى المقاهي التي يرتادها.....
أنكرت أنها هي،وغادرت وهي مقرة العزم ألا تكرر الخروج مع أي رجل احتراما لروح والدها فحسب...........
قالت أنها لم تكن يوما خائنة لكن الفراغات في حياة أي إمرأة قد تنتج عنها اختراقات....
قبل أن تغادر أخبرت الطبيب أنها لأول مرة تخفي عن صديقتها أحداث حياتها الجديدة
بقلمي لطيفة البابوري/تونس
ج(9)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

#ديوان_الحب_الصادق #بقلم_د_مهاب_البارودي 318 - اشتاقك