الموسيقى في الشعر... بقلم الدكتور الناقد...نوري حمودي الوائلي

الموسيقى في الشعر...
بقلم الدكتور الناقد...نوري حمودي الوائلي
.......................
القصيدة العربية في شكلها التقليدي تتكون من عدد من الابيات غير محدده فهي تطول مرة وتقصر دون أن يكون لذلك اثر في بنية القصيدة فهي بنية مفتوحه(ادعو الدين اسماعيل التفسير النفسي للادب) بمعنى انها تمثل وحدات بنائيه مغلقه على نفسها وينفصل بعضها عن بعض ضمن تشكيلها من ناحية الموسيقى وشكلها تكرار للوحدة التي تتمثل في بداية،شطرها الاول للبيت الاول فالبيت هو الوحدة الموسيقيه القائمه بذاتها ويتكررفي القصيدة مع الدلالة الزخرفية المتشابهة فصورة البيت الموسيقيه تتمدد إلى القصيدة باكملها وتمثل لوحة مؤثرة(النظرة نقديه للادب العربي د نوري الوائلي ) ويمكننا القول هنا ان البيت الشعري التقليدي وصورته تتكون من وحدتين موسيقيتين،احداهما تكرار للاخري ويتساويان زمنيا في حركاتهما ووقوفهما وهذا الحراك النفسي يسمى القافيه وأكد الفراهيدي هنا ان الشكل الموسيقي للقصيدةالعربية القديمه يوحي بشكل واضح لمثل هذه الفكرة حيث الترابط الذوقي والحسي للقصيده العربيه(الناقد الادبي د محمدالنويهي) وهنا جاء التأكيد ان المنهج الذوقي والحسي اي الموسيقى يتأكد لنا مع نهاية كل صدر وعجز(علم النفس والادب د محمد خلف) ويوجد ان قصيدة الحزن والاسىوالشكوىوالرثاء والهجاء كقول الشاعر مشينا مشيةالليث
غدا والليث غضبان
مع تكملةلابيات القصيدة تثبت االوشيجة الموسيقيه بوزنها فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن اي جميعها من البحرالطويل وان كان البيت الشعري يميل للطرب والفرح فضرباته قصيرة لقول الشاعر
الاطيري الا طيري وغني يا عصافيري فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
وعند تحليل البيتين نجدهما يتصلان بنفس الحقيقه رغم أن كل قصيده نغمتها الخاصه التي تتفق وحالة الشاعر وهنا نؤكد أن القصيدة بالصيغة الثابته في البنية العروضيه تقوم علي تكرار الوحدة الوزنيه المتمثله في البيت الشعري فقد صارت القصيدة كلها نغمة واحده وصار من الصعب التنوع للنغمة داخلها لارتباطها والشاعر ببنية عروضية ثابته ويتفق النقاد علي ان القصائد ذات الوزن الواحدلها طابع مشترك يتمثل في وقع هذا الوزن في صورته المجرده ولكنها تختلف في النغمات كما وكيفا وحينها يكون الايقاع دائما اقوي من النغمه في التاثير علي الاذن لذا كان لارتباط الشاعر التقليدي بالصوره الوزنيه التقليديه للقصيده اثره في تكييف المعنى المقصود من موسيقى الشعر سواء عند النقاد والشعراء والثابت عنه ان الاهتمام بموسيقى الشعر من حيث هو ايقاع ثابت في الاوزان واستعماله بدقه وحرفية يستولي الشاعر علي اذان القارئين والسامعين وهنا تصبح القصيدة بومسيقاها التقليدية تاخذ منحى متميز وثابت كصوت القطار حين يستقر في سيره علي سرعة معينه ولعل الايقاع الصارخ الذي يضفيه الوزن العروضي علي موسيقى القصيدة ثابت رغم احداث الشعراء للتعديلات علي الوزن وكسر حدة وقعه علي إذن السامع مما يتيح له بنقل صورة موسيقية اقرب اليه واحساسه منها للنظام العروضي المفروض عليه كامر واقع وقد ظهر هذا منذو وقت مبكر قبل أن يعرف شعراء العصر الحديث ذلك وسماه النقاد والعروضيون (بالزحافات والعلل)(معناه حذف ساكن او زيادة،احرف او تحريك بلا قاعده )وذلك كي يوفق الشاعر بين حركة نفسه والاطار الخارجي للقصيده كقول المتنبي
عيد باية حال عدت ياعيد
بما مضى امر لأمر فيك تحديد
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلى
وهنا ان الزحاف والعلل قد يفقد القصيدة وحدتها الموسيقيه ومرونتها اما ما ورد من الشعر الحديث فهناك محاولات كثيره لتفتيت الصورة الموسيقيه التقليديه للقصيده وقد انصبت معظم هذه المحاولات علي الخروج من إطار وحدة البيت الموسيقيه المتكرره في القصيده ومن القافيه التي تلزم الشاعر في الابيات كلها من حيث هي صوت مفروض علي الابيات فرضا دون أن يكون له مبررا كاف كانت هذه المحاولات في هذا الاتجاه جزىيه ولم تخرج الي تغيير جوهري في البنيةالموسيقيه كما حاول شعراء المهجر بإدخال التلوين الموسيقى علي البيت كقول فرحات
ياعروس الروض يا ذات الجناح ياحمامه
سافري مصحوبة عند الصباح
بالسلامه
وحاملي شوق قواد ذي جراح
وهيامه
بهذه المحاوله جاهد الشاعر ان يفتت بنية البيت الموسيقيه المالوفه ويحول البيت من شكله القديم الشطرين والمحكوم بالوزن والقافيه نجده يقسم البيت تقسيما جديدا يجمع الموسيقى جميعها في شطر ه الاول وعمل شعراء نوعا جديدا من الخروج من البيت ووحدته كقول أحدهم
ياحمامات الحمى هجتن بي
كامن الشوق ونيران الجوي
ذهب العمروولي مسرعا
الشاعر استبدل وحدة البيت بوحدة جديده تمتاز بتنوع القوافي وإدخال شيء جديد اسمه (القفل) بوحداته المتكرره يتفق اغلب الشعراء المحدثون المعاصرون علي ان للتشكيل الموسيقى أهمية بالغه لتقديم صورة صادقه ومؤثره وحرة من القيود حاولوا الخروج والتجديد من الإطار القديم إلى شكل جديد تكون الصورة الموسيقيه خاضعه خضوعا مباشرا للحالة النفسيه للشاعر وهنا تصبح القصيدة بابياتها طليقة ومتحررهالا من بعض النوتة الموسيقيه لبقاء الحياة بين فواصلها وهنا نثبت أن القصيدة الحديثه اخذت بنظرية الجمال الشكلي الذي يؤمن خيالا محسوس لشاعرية الشاعر وواقعه النفساني في الفن والحياة وارضاء لغاياته(شعراء واىليون د نوري الوائلي) اعزاءنا سنكون واياكم في حلقة اخري من وسيرةحياة شعراء التجديد للشعر العربي
الدكتور الناقد نوري حمودي الوائلي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

///////////// نكز //////////////للشاعر : حسين المحمد / سورية / حماة / محردة / ---------- جريجس / 4/7/2018