قصيدة : ( مذلون مهانون 8 : رجع الصدى ) من قلب القبطان علاء طبال


قصيدة : ( مذلون مهانون 8 : رجع الصدى )
من قلب القبطان
علاء طبال
...
اعتاد القدر أن يختار المستضعفين و المعوزين, رسلاً للفلسفة و الأدب و الحكمة, لكن الحياة شهدت عدداً من الاستثناءات, من ضمنها حالتين في شبه الجزيرة الهندية, تضوع أريجهما في بلاد الأرض قاطبةً .
الأول هو المبجل غوتاما بوذا عليه السلام, سليل الملوك الذي لم يستمرئ حياة الثراء, حياة الدعة و الكسل, فخاض في حياة التنسك و العبادة, مشاركاً الفقراء و المستضعفين بؤسهم, محارباً الألم و الشقاء ( كتاب العبادات في الديانات القديمة لعبد الرزاق صلال الموحي ) – بما معناه – .
الثاني هو الشاعر و الروائي و الأديب و القاص و الناقد, المؤلف و الرسام و العازف, المحاضر و الخطيب و الفيلسوف و الفنان الإلهي العالمي, المهيب ربندرونات / رابندرانات / رابندراناث طاغور, الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1913م كأول آسيوي يحصل على الجائزة, حفيد الأمير دواركانات / دواركانت طاغور, ابن الهند البار الذي لم يحتجن الثراء بل نفحه أدباً, و فلسفةً و حكمةً لإخوته الهنادكة, لشعبه المذل المهان, لبني الإنسان جميعاً .
مزج طاغور في فلسفته و فنه من شعرٍ و نثرٍ و روايةٍ و قصةٍ و مسرحٍ ومقالٍ وأبحاث ( على سبيل المثال لا الحصر, الكتب التي استطعت الحصول عليها لطاغور : قلوب ضالة – شيترا – جاتنجالي – جَنْي الثمار – البُستاني – الملك و الملكة – اليراعات – الضحية – الناسك – علاقة الإنسان و الكون – البيت و العالم – غورا – ذكرياتي – الهلال – دورة الربيع – بنوديني – إدراك الروح – ماليني – هدية العاشق – عبر النهر – الهاربة ) بين حكمة الشرق و آدابها و بين حداثة الغرب و آدابه .
طاغور هو أصدق تمثيل لعنفوان الإنسان, و جماله بأوضح تجلياته, و لكلمات طاغور وقع السحر على من يقرأها, كلمات طاغور تنقل القارئ إلى عالم سحري, يجتمع فيه فرسان دوما الأب الثلاثة و زوربا و دون كيخوته, و فيدريكو غارسيا لوركا و عجائز أدب كازنتزاكيس الخرقاء, و قس ويكيفيلد الخيّر, على مائدة أجناثون في ( مأدبة ) أفلاطون, بحضور أبولو و قيثارته و زيوس و خليلاته, محاطين بعيون شخصيات غابريل ماركيز الغرائبية الشاخصة إليهم في قرية ماكوندو, مجللين بموسيقى أوبرا كارمن لجورج بيزيه .
وفاة طاغور هي وفاة الإنسان الحق في هذا العالم .
لا تبتئس, هذه ليست النهاية, بل هي بداية النهاية, تك تاك تك تاك
تك تاك تك تاك ... هذه دقات ( الساعة الخامسة و العشرون ), ساعة قسطنطين فيرجيل جيورجيو, الذي يحركها فرانز كافكا و ( شحاذو المعجزات ) .
( الساعة الخامسة و العشرون ) : هي ليست الساعة الأخيرة لنهاية الإنسانية, بل هي الساعة الأولى لأفولها .
كان جؤار العالم على فراق طاغور, على فراق مزمار القربة الإسكتلندي, على فراق آلة الفينا الهندية, إزميلٍ من دمٍ صدعت ضربته أركان المساء ... و إلى اليوم ما زال صداه حياً في آذاننا :
مرت حروف القهر
من شفتي
يا صاحبي طاغور
انثر لحونك
فهذا الليل أحكم قيده
و أعد إليَّ
سعادةً مفقودةً
لأعود كالروض الندي
طاغور يا عشقاً تغلغل
في مسامي ...
دهاني الدهر بالأرزاء
طاغور مات
فيهذي القلب
في شفقٍ ذبيح
وثب العذاب عليَّ
ينهشُ مهجتي
يا زهرة الجُلنار
في مقلتيكَ العشقُ
يسطع صافياً
حوت الجمال و ما حوى
يا صاحبي طاغور
أعد إليَّ
سعادةً مفقودةً
لأعود كالروض الندي
طاغور يا طاغور
دوماً إلى طرق المكارم
تهتدي
يا أيها الزاهي
ما الحبَّ
إلا أنتَ دون جدالِ
سلامٌ على طاغور
إذ يستفيق ...
صحوت من غيبوبتي
طاغور مات
وحدي
بدون أحبتي
فاختفى نبض قلبي
بُعْدُه ينزعني
من عمق
نفسي
طاغور سرابٌ
فوق قفري
طاغور
يرميني جريحاً
نحو أسري
ثم يغدو نكهةً
ممزوجةً
بالأسى
في الدم تجري
إنها خاتمتي
قد زال أمري
...
يظهر حنظلة في نهاية المشهد ثم يسدل الستار .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

///////////// نكز //////////////للشاعر : حسين المحمد / سورية / حماة / محردة / ---------- جريجس / 4/7/2018